فصل: تفسير الآيات (101- 102):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآيات (96- 100):

{دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (96) إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)}
96- وهذه الدرجة التي اختص بها المجاهدين درجة عظيمة رفيعة، حتى كأنها درجات للتفاوت الكبير بينها وبين ما عداها، وإن لهم مع هذه الدرجة مغفرة كبيرة ورحمة واسعة.
97- وأن المسلم عليه أن يهاجر إلى الدولة الإسلامية ولا يعيش في ذل، فإن الملائكة تسألهم: فيم كنتم حتى ارتضيتم حياة الذل والهوان؟ فيجيبون: كنا مستضعفين في الأرض يذلنا غيرنا فتقول الملائكة: ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها بدل الذل الذي تقيمون فيه؟ وأولئك الذين يرضون بالذل مع قدرتهم على الانتقال، مأواهم عذاب جهنم، وأنها أسوأ مصير، فالمسلم لا يصح أن يعيش في ذل، بل يعيش عزيزاً كريماً.
98- غير أنه يعفى من هذا العقاب من لا يستطيعون الانتقال من الضعفاء من الرجال والنساء والأطفال، فهؤلاء لا يستطيعون حيلة ولا يجدون سبيلا للخروج.
99- وأولئك يُرجى عفو الله عنهم، والله- تعالى- من شأنه العفو والغفران.
100- ومن يهاجر طالباً بهجرته مناصرة الحق وتأييده، يجد في الأرض التي يسير فيها مواضع كثيرة يرغم بها أنف أعداء الحق، ويجد سعة الحرية والإقامة العزيزة، وله بذلك الثواب والأجر العظيم، ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى موطن الدولة العزيزة التي هي دولة الله ورسوله، ثم يدركه الموت قبل أن يصل فقد ثبت أجره، وتَكَرَّم الله فجعل الأجر حقا عليه، وغفر له ورحمه، لأن من شأنه الغفران والرحمة.

.تفسير الآيات (101- 102):

{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101) وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)}
101- الصلاة فريضة محكمة لا تسقط في السفر، ولكن لا إثم على من يقصرها فيه عن الحضر. فالذين يخرجون مسافرين- إن خافوا أن يتعرض لهم الكافرون بما يكرهون- لهم أن يقصروا الصلاة، فالصلاة التي هي أربع ركعات يصلونها اثنتين، وإن الحذر من تعرض الكافرين واجب لأنهم أعداء، عداوتهم واضحة.
102- وإذا كنت- أيها النبي الأمين- فيهم وقامت صلاة الجماعة، فلا تنسوا الحذر من الأعداء، وذلك بتقسيم المسلمين إلى طائفتين: إحداهما تبدأ الصلاة مقتدية بك، وتكون الأخرى قائمة على الأسلحة والأمتعة لحراستها، فإذا أتممت نصف الصلاة ذهبت التي صلت وراءك وجاءت الأخرى فصليت بها الباقى، ثم تصلى ما فاتها وتصلى الأولى بقية الصلاة، وتسمى لاحقة والأخرى مسبوقة، إذ تؤدى أول الصلاة، واللاحقة تؤدى آخرها، وذلك التنظيم لكى لا تفوت الصلاة، وللحذر من الكافرين الذين يودون أن تغفلوا عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلوا عليكم دفعة واحدة، ويَنْقَضوُّا عليكم وأنتم في الصلاة، وأن قتال المشركين مستمراً واجب، ولكن لا إثم عليكم أن تسكنوا إذا كان بكم مرض أو نزل مطر عاق عن القتال، ولكن على أن تكونوا على حذر دائم، وهذا عقاب الله للكافرين في الدنيا، وفى الآخرة أعد لهم عذاباً مهيناً مذلاً.

.تفسير الآيات (103- 108):

{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108)}
103- وإذا أتممتم صلاة الحرب التي تسمى صلاة الخوف فلا تنسوا ذكر الله دائماً، فاذكروه قائمين محاربين واذكروه وأنتم قاعدون، واذكروه وأنتم نائمون، فإن ذكر الله- تعالى- يُقَوِّى القلوب، وبه اطمئنانها، فإذا ذهب الخوف وكان الاطمئنان، فأدوا الصلاة متكاملة فإن الصلاة قد فرضت على المؤمنين موقوتة بأوقاتها.
104- لا تضعفوا في طلب القوم الكافرين الذين أعلنوا عليكم الحرب، وحاولوا أن يغيروا عليكم من كل مكان. والحرب بلا شك ألم، فإذا كنتم تألمون من جراحها وما يكون فيها، فإنهم يألمون أيضاً، والفرق بينكم وبينهم أنهم لا يطلبون الحق ولا يرجون عند الله شيئاً، وأنتم تطلبون الحق وترجون رضا الله والنعيم الدائم. والله عليم بأعمالكم وأعمالهم، حكيم يجازى كلاً بما يعمل.
105- أنزلنا إليك القرآن حقاً وصدقاً، مشتملاً على كل ما هو حق، مبيناً للحق إلى يوم القيامة ليكون منارك في الحكم بين الناس، فاحكم بينهم ولا تكن مدافعاً عن الخائنين.
106- وعند الحكم بين الناس اتَّجِه إلى الله وتذكر عظمته واطلب مغفرته ورحمته، فإن المغفرة والرحمة من شأنه- سبحانه وتعالى-.
107- ولا تدافع عن الذين يخونون ويبالغون في إخفاء الخيانة في أنفسهم، فإن الله لا يحب من يكون من شأنه الخيانة وارتكاب الذنوب.
108- يختفون ويستترون بخيانتهم من الناس، ولا يمكن أن تخفى على الله وهو معهم دائماً خياناتهم، وهم يتفقون ليلاً على ما لا يرضى الله من القول من رمى التهم على الأبرياء،- والله تعالى- يعلم علماً لا يخفى منه شيء مما يعملون.

.تفسير الآيات (109- 113):

{هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)}
109- إذا كنتم تدافعون عنهم في الدنيا فلا يعاقبون عقاب الدنيا، فلا يوجد من يدافع عنهم يوم القيامة أمام- الله تعالى-، بل من يقبل أن يكون ولياً عليهم ناصراً لهم.
110- وإن باب التوبة مفتوح، فمن يعمل أمراً سيئاً في ذاته أو يظلم نفسه بارتكاب المعاصى ثم يطلب مغفرة الله- تعالى-، فإنه يجد الله- تعالى قابلاً توبته غافراً له، لأن من شأنه المغفرة والرحمة.
111- وإن الذنوب مضارها على نفس من يفعلها، فمن يكسب ذنباً فإنما هو ضد لنفسه، ومغبته على نفسه، والله- سبحانه وتعالى- يعلم ما ارتكب ويعامله بمقتضى حكمته، فيعاقب أو يغفر على حسب ما تقتضيه الحكمة.
112- ومن يرتكب أخطاء تحيط بالنفس وذنوباً ثم يتهم بهذه الذنوب بريئاً لم يرتكبها، كمن يسرق شيئاً ويتهم غيره بسرقته، فقد وقع عليه وزران: أحدهما: الكذب والافتراء باتهام الأبرياء، والثانى: الذنب الواضح البين.
113- ولولا أن اللَّه تفضل عليك بالوحى ورحمك بالإدراك النافذ، لأرادت طائفة منهم أن يضلوك، ولكنهم لا يضلون إلا أنفسهم، لأن اللَّه مُطْلِعُكَ، وبصيرتك نافذة إلى الحق، فلا ضرر عليك من تدبيرهم وتضليلهم، وقد أنزل عليك القرآن الكريم الذي هو ميزان الحق، وأودع قلبك الحكمة وعلمك من الشرائع والأحكام ما لم تعلمه إلا بوحى منه، وإن فضل اللَّه عليك عظيم دائماً.

.تفسير الآيات (114- 118):

{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118)}
114- إن الذين يخفون أحاديث يحدثون بها أنفسهم أو يتحدثون بها فيما بينهم، لا خير في هذه الأحاديث في الكثير، لأن الشر يفرخ في الخفاء، لكن إذا كان التحدث للأمر بصدقة يعطونها، أو للعزم على القيام بعمل غير مستنكر، أو تدبير إصلاح بين الناس، فإن ذلك خير، ومن يفعله طلباً لرضا اللَّه- سبحانه- فإن اللَّه- تعالى- يعطيه جزاءً كبيراً على عمله في الدنيا والآخرة.
115- وإن الذي يكون في شقاق مع الرسول من بعد أن يتبين طريق الحق والهداية، ويتبع طريقاً غير طريق المؤمنين، ويدخل في ولاية أعداء أهل الإيمان، فإنه يكون منهم إذ اختارهم أولياءه، وسيدخله الله- تعالى- النار يوم القيامة.
116- وإن هذا المصير المؤلم لمن هم كذلك، لأنهم أعداء الإسلام، ومثله مثل من أشرك بالله، وإن كل ذنب قابل للغفران إلا الشرك بالله، وعبادة غيره، ومعاندة رسوله في الحق، فإن الله من شأنه المغفرة إلا أن يشرك به في عبادته، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وإن من يشرك بالله في عبادته وولائه فقد تاه عن الحق وبَعُدَ عنه كثيراً، لأنه أفسد عقله ونفسه.
117- وإن من أظهر مظاهر الضلال الذي بَعُد به عن الحق الشرك بالله، إنه يعبد ما لا يسمع ولا يبصر، ولا يضر ولا ينفع، ويُسَمَّى آلهته الباطلة بأسماء الإناث، كاللات والعزى ومناة، وغيرها من الأسماء المؤنثة، وإنه يتبع بهذه العبادة الشيطان.
118- وإن هذا الشيطان طرده الله- تعالى- من ظل رحمته، وجعله في طريق غوايته، وقد أقسم وأخذ على نفسه عهداً أن يتخذ من عباد الله- تعالى- عدداً معلوماً مقدراً يستهويهم بغوايته ويوسوس لهم بشرِّه.

.تفسير الآيات (119- 122):

{وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122)}
119- وإن قَسَمَه أن يضل الذين استهواهم بإبعادهم عن الحق ويثير أهواءهم وشهواتهم، ويجعلهم يتيهون في أوهام وأمانٍ كاذبة يتمنونها، وإذا صاروا بهذه الأهواء وتلك الأمانى تحت سلطانه، دفعهم إلى أمور غير معقولة، وحملهم على أن يظنوها عبادة وهى أوهام كاذبة، فوسوس لهم بأن يقطعوا آذان بعض الإبل ويُغَيِّروا خلق الله فيها، وإن ما قطع أذنه لا يذبح ولا يعمل ولا يمنع من مرعى، وكل ذلك بأوامره، ثم يوسوس لهم بأنه دين، وأنهم بهذا يتبعونه، ويتخذونه نصيراً متبعاً من دون الله، ومن يتخذه نصيراً متبعاً يخسر خسراناً واضحاً، لأنه يضل عن الحقائق ويهمل عقله، ويناله الفساد في الدنيا والعذاب في الآخرة.
120- يزين الشيطان لهم الشر، ويعدهم النفع إذا فعلوه، ويلقى في نفوسهم بأمانٍ يتمنونها، وليس وعده وتزيينه إلا تغريراً.
121- وإن أولئك الذين ألغوا عقولهم واتبعوا وساوس الشيطان في نفوسهم، مصيرهم إلى جهنم ولا يجدون منها خلاصاً.
122- هذا مصير أتباع الشيطان، أما مصير أتباع الله فالخير، وهم الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الأعمال الصالحة، ولم يسيروا وراء أوهام كاذبة، فإن الله- تعالى- سيدخلهم يوم القيامة جنات فيها أنهار تجرى تحت ظلالها، وهى أكبر من أعظم جنات الدنيا، وإن ذلك مؤكد، لأنه وعد الله، ووعد الله لا يكون إلا حقاً، لا غرور فيه، إذ هو مالك كل شيء، ولا يتصور أن يكون أحدٌ في الوجود أصدق من الله وعداً وقولا.